/ مرض مهمل
نوما مرض مهمل يضر بالفقراء. وهو عبارة عن عدوى بكتيرية لكنها لا تنتقل من شخص إلى آخر، حيث يبدأ بالتهاب في اللثة وكأنه تقرح فموي صغير. لكن هذا الالتهاب يدمر العظام والأنسجة بسرعة كبيرة إذ يلحق أضراراً بالفك والشفتين والخدين والأنف والعينين وهذا يعتمد على مكان بداية الالتهاب.
لا يستغرق نوما سوى أياماً معدودة كي يترك تشوهات شديدة على أوجه الناجين منه بحيث يصعب عليهم تناول الطعام أو الحديث أو الرؤية أو التنفس. وفوق كل هذا يتعين على الناجين التعامل مع وصمة العار المجتمعية التي تنتج عن الضرر المريع الذي يلحق بوجوههم.
غالباً ما يؤثر نوما في الأطفال الفقراء دون سن الخامسة. فالفقر وضعف الصحة من أهم عوامل العدوى التي تؤدي إلى الإصابة بنوما. كما أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وسوء نظافة الفم وأمراض على غرار الحصبة أو الملاريا هم بالأخض عرضة لنوما.
أما أولئك الناجون من المرض فليس أمامهم سوى خيار واحد إن هم أرادوا حياةً أفضل، ألا وهو الخضوع لجراحة تقويمية مكثفة.
كم شخصاً يلقى حتفه نتيجة مرض نوما؟؟
90%
* هذه الأرقام بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية سنة 1994. وكون هذه البيانات لم تحدَّث منذ 25 عاماً دليل على مدى إهمال هذا المرض والمصابين به.
أين ينتشر نوما؟
ينتشر نوما في المناطق منخفضة الدخل في إفريقيا وآسيا. وقد كان يحدث في مناطق عدة في أوروبا لكنه اختفى مع تحسن ظروف المعيشة وتوفر الرعاية الصحية.
كان أبقراط أول من أشار إلى المرض في القرن الخامس قبل الميلاد، في حين يعود أول وصف طبي لنوما إلى سنة 1595 حين كان يطلق عليه ’التقرح المائي‘. كما سجلت في أوروبا حالات إصابة في معسكرات الاعتقال النازية خلال الحرب العالمية الثانية.
ما هي أعراضه؟
يبدأ نوما بالتهاب وتهيّج ونزف في اللثة. ثم تظهر قرحة وتبدأ اللثة والخد بالانتفاخ خلال ثلاثة إلى أربعة أيام. وقبل مرور أسبوع يكون المرض قد أحدث تآكلاً في النسج في الخد ويبدأ ثقب بالظهور. وفي الأيام التالية ينتشر الالتهاب وتغطي الغرغرينا المنطقة المصابة. واعتماداً على مكان بدء الالتهاب، سرعان ما يدمر المرض الفك أو الشفتين أو الخدين أو الأنف أو العينين.
ما هي العواقب؟
يكون الكثير من الناس الذين نجوا من نوما عرضةً للوفاة نتيجةً المضاعفات الثانوية. فهم يعانون من تبعات جسدية ونفسية تعزلهم عن مجتمعاتهم وقد تتسبب لهم بمشاكل صحية نفسية. كما يعاني الكثير من الناس من مصاعب في الحديث أو تناول الطعام ويواجهون وصمة عار وتمييزاً في مجتمعاتهم نتيجةً لتشوهات الوجه التي تصيبهم. يمكن أن يعاني الأطفال من تأخر في النمو نتيجة لعزلتهم الاجتماعية أو من أثر أمراض الطفولة المرتبطة بنوما على غرار الحصبة والملاريا.
هل يمكن الوقاية من نوما وعلاجه؟
يمكن الوقاية من نوما بالتأكيد لكن هذا يتطلب المعرفة بالمرض، كما أن التغذية الجيدة ونظافة الفم والحصول على الرعاية الصحية واللقاحات ضد أمراض الطفولة كلها أمور تسهم في الوقاية من نوما.
هذا ويمكن علاج المرض في حال تم الكشف عنه والتعامل معه خلال أول أسبوعين من بدايته. حيث يمكن أن يتعافي المريض خلال بضعة أسابيع من خلال اتباع القواعد الأساسية لنظافة الفم والعلاج بالمضادات الحيوية وتضميد الجرح. ويمكن أن نتمم هذه الإجراءات بالتعاطي مع عوامل الخطر المرافقة كسوء التغذية وأية أمراض أخرى كالحصبة.
إذ كان يسهل علاج نوما فلماذا يموت الناس نتيجة لهذا المرض؟
يلقى الناس حتفهم بهذا المرض الذي يسهل علاجه والوقاية منه نتيجةً لغياب المعرفة حول نوما. إذ قلما يتم الكشف عنه في وقت مبكر كما أن الكثير من الأسر لا تتوفر لها المضادات الحيوية اللازمة لعلاجه أو لا يمكن لها أن تتحمل تكاليفها. فمعظم المصابين بنوما فقراء ويعيشون في مناطق معزولة تكاد تنعدم فيها خدمات الرعاية الصحية ورعاية الأسنان.
لا يُعرَف سوى القليل حول نوما، وهو مرضٌ يترقى بسرعة ولهذا لا يدري عادةً أهالي الأطفال المصابين كيف يتعرفون على المرض. فهم يطلبون المساعدة ضمن مجتمعاتهم أو من المعالجين التقليديين، وهذا يُفقِد المريض وقتاً ثميناً ويفوت عليه فرصة الحصول على العلاج المناسب للالتهاب.
سفيان قبل وبعد نوما
سفيان عمره سنتان ويعيش في قرية تابعة لولاية سوكوتو في نيجيريا. حين وصل أول مرة إلى مستشفى سوكوتو لمكافحة نوما كان يعاني من إصابة حادة وكان وجهه مشوهاً. كما كان يعاني من سوء التغذية الذي يعد من أهم العوامل التي تؤدي إلى نوما. تلقى سفيان العلاج في وحدة التغذية وأعطي المضادات الحيوية، كما قام الطاقم يتنظيف وتضميد جروحه. وحين عادت له قوته تخرج من المستشفى ليعود إلى بيته. لكن عليه الانتظار كي يكبر قبل أن يتمكن من الخضوع للجراحة التقويمية، وهذا يعود لآثار المرض والتغيرات التي تطرأ على الندب عند النمو.رحلة المريض: من الإصابة إلى العلاج
يصعب إيجاد المرضى المصابين بنوما لأنهم يعيشون في مناطق معزولة وفقيرة للغاية. إذ يستحيل تقريباً على بعضهم الوصول إلى عيادة أو مستشفى إذ قد تكون بعيدة عنهم مئات الكيلومترات. لكن حتى عندما يكون ممكناً الوصول إلى العيادات المحلية، فهم في الغالب لا يملكون القدرة المالية لدفع تكاليف الرعاية الطبية.
Timeline
4. الذهاب إلى أقرب عيادة
تذهب الأم بطفلها إلى العيادة الأقرب والتي تكون بعيدة عن قريتها المعزولة وتستغرقها الرحلة عدة أيام. وحين تصل فإنها تواجه مشكلتين، الأولى غياب المعرفة حول نوما والثانية كلفة العلاج. ففي حال كانت قادرة على دفع تكاليف المضادات الحيوية فإن الطفل سيتعافى، لكن في حال عدم قدرتها على ذلك فإنها ستعود صفر اليدين وعادةً ما سيتوفى طفلها بعد بضعة أيام.
6. البدء بالعلاج
بمجرد القبول في المستشفى، يبدأ الطفل بتلقي المضادات الحيوية والتغذية العلاجية كي يستقر وضعه ويستعيد قوته. كما سيتم تضميد جروحه وسيقوم الأطباء بتحديد ما إذا كان مرشحاً للجراحة التقويمية. لكن نظراً لأن جروح الأطفال الصغار معقدة وتتغير بمرور الوقت، فيتعين عليهم الانتظار إلى أن يصبحوا أكبر قبل الخضوع للجراحة.
محمد.. حين يكون علاج نوما بعيداً جداً
يعيش غريما وأسرته في مدينة تابعة لولاية يوبي في نيجيريا. وحين مرض ابنه محمد لم يكونوا يعلمون ما هو نوما وكيف بإمكانهم الحصول على المساعدة. لكنهم سمعوا أخيراً عن مستشفى في مدينة سوكوتو يحصل فيه المرضى بالمجان على العلاج الطبي لمرض نوما. وصلوا إلى المستشفى بعد رحلة دامت يومين، لكن كان وجه الطفل محمد وقتها قد تشوه وكان وضعه مقلقاً بسبب سوء التغذية.
غريما يعرض صورة ابنه محمد قبل أن يمرض وتشخص إصابته بنوما الذي سبب له بتشوهات.
Footnotes: Drawings & infographics by Chloé Fournier / Pictures & Videos by Claire Jeantet & Fabrice Caterini © Inediz - All rights reserved